الحيوانات و الحياة البريّةمقالات و مجلاّت

مقال – كيف يعيش البطريق الإمبراطوري في القطب المتجمّد؟

على الرغم من أن طيور البطريق الإمبراطوري تعيش في أكثر البقاع برودة على سطح الأرض، إلا أنها تستطيع أن تحصل على درجة حرارة مرتفعة أكثر مما تحتاج.

تعد طيور البطريق الإمبراطوري من أكثر الحيوانات قدرة على البقاء في الطبيعة، فهي تستطيع أن تتحمل البرد المتجمد في شتاء القارة القطبية الجنوبية، عندما تصل درجة الحرارة إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر أو أقل. و لتحمي طيور البطريق الامبراطوري تلك أنفسها من التجمد حتى الموت، فإنها تجتمع وتتكتل معا في شكل مجموعات أو كتل متلاصقة بإحكام، و ذلك للحفاظ على حرارتها، وأيضا لحماية أنفسها من الرياح شديدة البرودة التي تتعرض لها. و حاليا، يبدو أن هذه المجموعات المتلاصقة من طيور البطريق الامبراطوري يمكنها بالفعل أن تكون ذات فعالية كبيرة في الحفاظ على حرارتها والإبقاء على دفئها.

البطريق الامبراطوري
البطريق الامبراطوري

و يمكن مشاهدة عدد من حيوانات البطريق تلك وهي تبدل مواقعها في تلك الكتل التي تجمعها بشكل مستمر، ولعل أبرز سلوك واضح في هذا الإطار هو أن طيور البطريق التي تقف على أطراف تلك الكتل تتحرك بشكل منتظم لتصبح داخلها. و هذا أمر يمكن فهمه بسهولة، فتلك الحيوانات التي تقف على أطراف تلك التكتل تواجه القسوة المباشرة للفحات الرياح المتجمدة في القطب الجنوبي.



لكن هناك أمرا آخر مهمّ يجري في ذلك الإطار، و هو أن الطيور الموجودة في وسط تلك التكتلات تصبح درجة حرارتها مرتفعة بشكل أكثر من اللازم، و بالتالي فهي تحتاج بعد فترة إلى أن تجد مساحة صغيرة تتعرض فيها للبرد للتخلص من بعض حرارتها. فهذه الحيوانات التي تسعى إلى أن تفقد أجسادها بعضا من حرارتها تفارق تلك التجمعات لبعض الوقت، كما يقول باحثون في دراسة جديدة نشرت في دورية “سلوك الحيوان” [رابط الدراسة على sciencedirect ]. و داخل تلك التجمعات أو التكتلات، نادرا ما تفقد حيوانات البطريق الامبراطوري تلك أيا من حرارتها، وربما يكون الجزء القليل الذي تفقده من الحرارة من خلال رؤوسها، أو من خلال استنشاقها للهواء البارد. و هذا يعني أنها تجد أنفسها من وقت لآخر في درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 37 درجة مئوية، وهي درجة أعلى بكثير مما تحب. يقول الباحثون في تلك الدراسة: “نتيجة لذلك، تواجه تلك الطيور تناقضا يتلخص في أنها تحتاج أحيانا إلى التخلص من الحرارة الزائدة لديها في بيئة باردة بالفعل”.

البطريق الإمبراطوري
البطريق الامبراطوري

و من خلال فحص تكتلات طيور البطريق الإمبراطوري عن كثب، اكتشف الباحثون أن كل تكتل يضم تلك الطيور يتغير بشكل مستمر من خلال تحرك أفراده من وقت لآخر، و ذلك استجابة لدرجة الحرارة الخارجية الباردة تارة، و تارة أخرى يكون ذلك استجابة لدرجة الحرارة الداخلية المرتفعة. و تقول الدراسة: “إن عملية بناء و تفكيك التكتلات بشكل مستمر تعمل في صورة تدفقات تستطيع تلك الطيور من خلالها أن تكتسب حرارتها، أو تحافظ عليها، أو تفقدها”.

قبل ذلك، كانت الدراسات التي تفحص تكتلات البطريق تلك تعتبرها مجرد أشكال ثابته.

البطريق الامبراطوري
البطريق الامبراطوري

يقول أندريه أنسيل André Ancel ، الباحث الرئيسي في هذه الدراسة، و هو من المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي في ستراسبرغ (Centre National de la Recherche Scientifique, Strasbourg, France) : “تنضم الطيور التي تحتاج إلى الدفء إلى تلك التكتلات.” و يضيف: “و عندما تصل درجة حرارتها إلى مستويات إيجابية، تغادر تلك الطيور مجموعتها، و حينما تكون خارج المجموعة، تستطيع أن تتناول بعض الثلج الظازج، و أن تنظف نفسها. و عندما تشعر الطيور بالبرد مرة أخرى، فإنها تنضم مجددا إلى مجموعتها.”

[رابط الدراسة على sciencedirect ] المصدر : bbc arabic

تابعوا علوم العرب على
زر الذهاب إلى الأعلى