الفضاءمركز محمد بن راشد للفضاء

مقال : استكشاف المرّيخ .. القصة الكاملة

نقدّم لكم هذا المقال بالتعاون مع “مركز محمد بن راشد للفضاء” – وكالة الامارت للفضاء.

عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، عن مشروع دولة الإمارات العربية المتحدة لإيصال البشر إلى الكوكب الأحمر [المرّيخ 2117] وبناء أول مستوطنة بشرية على سطحه خلال مئة عام، قال محمد بن زايد: نستكمل من خلال هذا المشروع مسيرة معرفية رائدة، ونبدأ رحلة جديدة ستستمر عقوداً.

ينطلق المشروع من النقطة التي وصلت إليها الاكتشافات والأبحاث العلمية العالمية بهدف قيادة و تسريع الأبحاث لصالح البشرية جمعاء. فما الاكتشافات التي توصل إليها العلماء، وما التحديات الكامنة في الطريق؟ يُظهر استعراض بعثات استكشاف المريخ أن إرسال بعثات من رواد الفضاء إلى المرّيخ واستيطانه بشرياً، ما زال حلماً و ميداناً لأبحاث علمية وأفكار هندسية، دونها تحديات، وأن خطط القرنين العشرين والحادي والعشرين تحمل تصورات طموحاً طرحتها منظمات ووكالات فضاء وشركات استثمارية. فما التحديات و ما التكاليف والمخاطر المتوقعة والكامنة في هذا المشروع الحلم.

أرسل العلماء عشرات من بعثات استكشاف المرّيخ إلى مداره في محاولات لكشف غموضه ومعرفة إمكانية وجود حياة على سطحه، حيث يعتقد العلماء أن المرّيخ احتوى على الماء قبل 3.8 مليار سنة، أو قد يكون مجرد كوكب جنين لم يُكمل نموه، بعد أن نجا من اصطدامات الأجرام السماوية التي شهدها النظام الشمسي في بداية تكوينه.

يعتبر الكوكب الأحمر وفقاً لنتائج بعثات الاستكشاف كوكباً صخرياً، معظم سطحه أحمر بسبب تربته وصخوره وغلافه الجوي قليل الكثافة، وجوه أبرد من الأرض، والسنة على سطحه 687 يوماً أرضياً. يتكون قلبه من الحديد و النيكل و الكبريت، إلى جانب السيليكون والأوكسجين والحديد والألمنيوم والماغنسيوم و الكالسيوم و البوتاسيوم، في قشرته.

يبلغ متوسط سماكة قشرة المريخ 50 كيلومتراً، وأقصى ارتفاع 125 كيلومتراً، في حين أن سماكة قشرة الأرض تبلغ 40 كيلومتراً، وأظهرت البيانات التي وصلت من مسبار الفضاء فينيكس أن تربة المريخ قلوية، تحتوي على مواد مثل الماغنسيوم والصوديوم و البوتاسيوم والكلورين، الضرورية لنمو النباتات.

يستضيف المرّيخ حالياً خمس مركبات فضائية، ثلاث لا تزال تعمل في مدار حوله هي مارس أوديسي ومارس إكسبريس و مارس ريكونيسانس أوربيتر، واثنتان على سطحه هما كيوريوسيتي روفر وأبورتيونيتي، بينما تحطمت مركبات أخرى في مداره أو على سطحه.

قد يعجبك أيضا .. سلسلة المريخ من ناشونال جيوغرافيك (مشاهدة و روابط تحميل)

المريخ : العالم الجديد HD

البحث عن الماء

أظهرت التجارب التي أجراها المسبار الذي كان أحد أهم بعثات استكشاف المريخ أن لتربته تركيز هيدروجيني 8.3 وربما تحتوي على آثار لملح البيركلوريك وبعض الخصائص أو العناصر المغذية التي تدعم إمكانية الحياة على سطحه سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.
يُرجح وفقاً لنتائج أحدث بعثات استكشاف الكوكب الأحمر وجود الماء تحت سطحه في صورة جليد، بسبب ظروفه المناخية حيث درجات الحرارة المنخفضة جداً. مع ذلك تؤكد الدراسات ان الوضع على سطح المريخ كان مختلفاً، ولربما كان يشبه كوكب الأرض، حيث كانت توجد المياة السائلة في مساحات كبيرة من سطحه كما هو الحال على سطح الأرض.

تحديات وبرامج مُكلفة

نعم هناك العديد من التحديات التي تواجه إرسال بعثات بشرية إلى المريخ وهي :

– التكلفة المالية العالية إذ تراوحت تقديرات التكلفة بين 6 مليارات و500 مليار دولار، أحدثها تكلفة 6 مليارات دولار لإيصال الدفعة الأولى فقط من أربعة رواد إلى المريخ إضافة إلى أربعة مليارات لكل رحلة لاحقة لإيصال عدد مماثل من الرواد، على أن تسبقهم جميعاً رحلة استكشافية للبحث عن مكان مناسب لإقامة المستوطنة الأولى، ثم إرسال رحلات غير مأهولة لنقل المؤن والمواد.

– تعرض الرواد والمسافرين لأشعة كونية ذات طاقة عالية وغيرها من الإشعاعات المؤينة المهددة للصحة، وهي مخاطر إشعاع عظيمة على أساس كمية إشعاع الجسيمات النشطة التي يتم الكشف عنها بواسطة كشاف تقييم الإشعاع RAD الموجود على متن مختبر علوم المريخ.

– الآثار السلبية لبيئة الجاذبية المنخفضة على سطح المريخ على صحة الإنسان، بما في ذلك فقدان البصر.

الآثار النفسية للعزلة وعدم وجود مجتمع نظراً لاستحالة الاتصالات في الوقت الحقيقي بين المريخ والأرض، إذ يستغرق وصول المعلومة بسرعة الضوء حوالى 20 دقيقة.

– عدم إمكانية الحصول على خدمات طبية عند الضرورة.

– إمكانية تعطل وفشل معدات نظم الدفع أو تجهيزات دعم الحياة على المريخ.

– تلوث المريخ بالميكروبات القادمة من الأرض.

خطوات لبدء حياة بشرية على سطح المريخ

في تقديرات العلماء والباحثين فإن إنشاء حضارة إنسانية على سطح الكوكب الأحمر سيمر بمراحل عدة هي:

أولاً: سيكون على البشر الوصول إلى المريخ وهذا ممكن علمياً ومالياً، وستستغرق الرحلة تسعة أشهر إلى حين توفير وسائل أسرع.

ثانياً: مواجهة تحدي الهبوط بسلام، إذ لا بد من إبطاء سرعة مركبات الهبوط لتحط بسلام في ظروف يصعب التحكم بها لحظياً من الأرض.

ثالثاً: تأتي مرحلة توفير و إنتاج الهواء والماء والطعام ومصادر الطاقة للبقاء على قيد الحياة. في البدء سيكون هناك إمداد من كوكب الأرض حملته المركبة، لكنه حتماً سينفد، ما يستدعي توفيره ذاتياً على سطح المريخ. سيكون الأكسجين متاحاً عبر أجهزة تعمل على استخراجه من ثاني أكسيد الكربون في ظروف المريخ، أما الماء فمن المرجح أنه موجود تحت القمم الجليدية على سطحه، وقد يكون إنتاج الغذاء هو الأصعب، لكن ذلك يمكن توفيره من خلال محطات جرى تجريب نماذج لها في صحاري يوتا الأمريكية تشابه ظروف الكوكب الأحمر، أما الطاقة فسيكون مصدرها الشمس، مع وجود خلايا طاقة وبطاريات نووية معززة بالشمس.

رابعاً: في البدء سيعيش المسافرون إلى المريخ في كبسولات يصطحبونها معهم من الأرض، ومن ثم عليهم صنع مستوطنات دائمة مجهزة بكل ما يحتاجون إليه، قد تتخذ شكل القباب المنفوخة، وفي الغالب سيطور الناس إمكانية استخدام المواد المحلية في المريخ لبناء المستوطنات في المستقبل.

خامساً: تنظيم المجتمع والحضارة على سطح الكوكب الأحمر، إذ لا بد من تنظيم المجتمع وبناء نظام قيادي هرمي يتولى شؤون الحياة على سطح الكوكب، تماماً كما تفعل الحكومات على سطح الأرض، حيث ستعد منظومة قوانين قبل الذهاب إلى المريخ فعلياً، ويتبع ذلك تطوير الأنظمة الاقتصادية والتعليمية وفرص العمل والتربية وغيرها.

الإمارات تدخل السباق

كانت دولة الإمارات قد دخلت السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي بإعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، عن إنشاء وكالة الإمارات للفضاء وبدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي إسلامي إلى الكوكب الأحمر بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل إليه في العام 2021 .

لدى حضوره توقيع الوكالة اتفاقية تفصيلية مع مركز محمد بن راشد للفضاء لتنفيذ مشروع مسبار الأمل، وإطلاقه ومتابعة تنفيذ جميع مراحله، تحت إشراف الوكالة، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن التحديات العظيمة تتطلب فرق عمل عظيمة، والوصول إلى الفضاء يتطلب همماً تعانق السماء.

أضاف سموه أن دولة الإمارات قبل مسبار الأمل [الاسم الذي أطلقه سموه على مسبار المريخ] وقبل إطلاق وكالة الإمارات للفضاء هي غيرها اليوم. إننا في بداية مرحلة جديدة تحمل طموحات متقدمة، نعمل فيها على بناء قدرات مختلفة ونرسخ فيها وضعاً دولياً جديداً للإمارات. وقال سموه إن تطوير قطاع فضائي جديد بشكل متكامل سيقدم قيمة مضافة كبرى لاقتصادنا الوطني ومعارفنا التقنية ومواردنا البشرية وسمعتنا العالمية.

سينطلق مسبار الأمل إلى المريخ في رحلة تستغرق تسعة أشهر، يقطع خلالها أكثر من 60 مليون كيلومتر، واضعاً الإمارات ضمن تسع دول في العالم فقط أرسلت بعثات لاستكشاف المريخ.

تابعوا علوم العرب على
زر الذهاب إلى الأعلى