طب و صحةمقالات و مجلاّت

“جلد الإوزة”.. لماذا نشعر بالقشعريرة في مواقف معينة؟

من منا لا يعرف هذا الشعور: الارتجاف و الارتعاش المتكرر في الجسم الذي يصاحبه تغيير في درجات الحرارة ويصبح الجلد خشن الملمس مع وقوف الشعر، وذلك عند التعرض لموقف معين، فما أسباب ذلك؟

يشعر البشر بالقشعريرة خلال لحظة عاطفية مميزة مثلا، أو أثناء الشعور بالبرد. و تصيب القشعريرة جميع أنحاء الجسم تقريبا، إذ تنقبض العضلات الصغيرة التي تؤثر على بصيلات الشعر، و هو ما ينتج توقف الشعر و انقباض الغدد الدهنية للعضلات و تظهر كأنها متورمة، و هو ما يسميه الألمان “جِلْد الإوزة” (Gänsehaut) بالإنجليزية Goose bumps

القشعريرة هي إحساس بشري قديم قدم الإنسان حيث كان يمتلك الكثير من الشعر مقارنة بالوقت الحالي.

كانت للقشعريرة وظيفتان سابقا عند البشر، وهما:

  1. عندما يتعرض الجسم للبرودة يتم إيقاف شعر الجسم بالقشعريرة حتى يكبر حجم الهواء تحت الشعر وفوق الجلد ويسبب عزلا حراريا أفضل للجسم. هذه الظاهرة يمكن مشاهدتها في الوقت الحاضر عند بعض الحيوانات التي تزغب (يقف الشعر انتصابا) لمقاومة البرد.
  2. تظهر القشعريرة أيضا في حالة وجود تهديد، وهي متوارثة من الإنسان القديم أيضا الذي كان يقف شعر جسمه بالكامل حتى يظهر وكأنه أكبر، مما يبث الخوف في نفس العدو. هذه الظاهرة موجودة اليوم أيضا عند بعض الحيوانات مثل القطط والكلاب التي تظهر لديها عندما تشعر بالتهديد.

خلال مرحلة التطور البشري وجد الإنسان طرقا أفضل للحماية من البرد وللدفاع عن نفسه. وتراجعت كثافة الشعر في الجسم مع الوقت، لكن الشعور بالقشعريرة ظل مصاحبا للبشر، مع استثناء منطقتي باطن اليد وأسفل القدم الملساوين، واللتين لا ينمو فيهما الشعر.

من جانبه، ذكر البروفيسور كريستيان كيرنباخ أستاذ المشاعر العاطفية و علم النفس في جامعة كيل الألمانية لصحيفة “فيلت” الألمانية، أن القشعريرة هي إحدى بقايا التطور البشري.

هناك بعض الحالات التي يشعر فيها الإنسان بالقشعريرة رغم عدم وجود برد أو الشعور بالخوف، مثل سماع صوت ضوضاء مزعج كحركة الطباشير على السبورة أو صرير الحشرات.

حتى هذه الظاهرة يمكن أن تكون غريزة بدائية للبشر، لأنه وفي أوقات قديمة جدا كانت المواقف الخطرة عادة مصحوبة بأصوات غريبة و أصوات عالية وصاخبة. والقشعريرة في هذه الحالات كانت تنبه الجسم إلى خطر ما وتهيئه للمواجهة.

لكن لا توجد تفسيرات واضحة عندما يتعلق الأمر بالشعور بالقشعريرة في حالات سماع الموسيقى أو مشاهدة الأفلام العاطفية. وفيما يتعلق بالموسيقى، نقل موقع “أن تي فاو” الألماني عن أستاذ الموسيقى الألماني إكهارت ألتينمولر قوله إن البشر يتفاعلون عاطفيا مع الموسيقى ولذلك يشعرون بالقشعريرة.

لكن لا توجد موسيقى معينة يمكنها أن تنتج الشعور نفسه عند جميع الناس، كما حدث في تجربة له مع فريقه. لذلك يعتمد الشعور بالقشعريرة على عوامل عدة.

ينطبق الأمر نفسه على مشاهدة الأفلام المؤثرة على بعض الأشخاص، والتي تسبب لهم القشعريرة. ولا يوجد تفسير علمي لماذا تسبب هذه المشاهد القشعريرة لبعض الناس، في حين يتفاعل معها آخرون بطريقة أخرى.

هنا تلعب شخصية الإنسان و طبيعته وذوقه وذكرياته الخاصة دورا كبيرا في ذلك. وهذه الأشياء لا يمكن قياسها من الناحية العلمية. وهو ما أكده أيضا كيرنباخ في حواره مع صحيفة “فيلت”، و ذكر أن القشعريرة تعتمد أيضا على التجارب و الذكريات الشخصية.

تابعوا علوم العرب على
زر الذهاب إلى الأعلى