خلال إحدى مهام فهرسة مجاميع المخطوطات في دار الكتب المصرية، أمسك أحد المفهرسين مخطوطاً كُتب عليه “زينةُ الكَتَبَة” للرازي، وتساءل من دون أن يدرك قيمة مايقلبه بين يديه، عن التصنيف الذي ينبغي إدراج المخطوط ضمنه. كانت تلك مفاجأة مثيرة، أن يُعثر بهذه الصُدفة على أقدم نص متخصص وكامل حول صناعة المخطوط العربي. كان يُمكن للصدفة أن تكمل عملها ويتوارى المخطوط تحت أي تصنيف من دون الإلتفات إليه. لقد شاء القدر ان يتم تقديره، بعدما تم التحقق منه ووصل إلينا في “ناشيونال جيوغرافيك العربية”، فإذا بنا أمام نص منسوب لمؤلّف شهير، لم تتناوله أيّ من الدراسات المعاصرة، سواء تلك التي اعتنت بالموضوع أو المؤلّف. بل إنه لم يذكر كمصدر تراثي مفقود.

“زينةُ الكَتَبَة” مخطوطٌ أصيلٌ صغير الحجم (6 ورقات) كبير الفائدة، وهو نَصٌ صحيح النّسبة إلى مؤلّفه أبي بكر محمد بن زكريا الرّازي، الطبيب والكيميائي المعروف، المتوفى سنة 312 هجرية (925 ميلادية). والنّص إلى جانب قيمته الفكرية والتاريخية، يمتاز بكون مؤلفه أحد الأعلام المتخصصين. و هذا المخطوط فريد، لاتُعرف له نسخ أخرى إلى الآن، سوى هذه النسخة المحفوظة في دار الكتب المصرية، تحت رقم “331 مجاميع طلعت”. قدَّم الرَّازي رسالته هذه للكُتّاب واحتياجاتهم المتخصصة. وبدأ بتفصيل أنواع الأحبار المختلفة. والطريف ان المخطوط يضم وصفات لصنع وإظهار الأحبار السرية، منها حبر يظهر في الليل فقط وآخر يختفي بعد فترة، وطرق للكتابة بالدخان، إلى جانب حيل أخرى.

–محمود زكي.

المصدر: مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية – عدد يونيو 2011

حرر بواسطة: أدهم