مقال : أهم أربع مشاريع استكشاف للفضاء في السنوات الأربع القادمة
نقدّم لكم هذا المقال بالتعاون مع “مركز محمد بن راشد للفضاء” – وكالة الامارت للفضاء.
لقد تغيّرت معالم قطاع استكشاف الفضاء منذ الهبوط على سطح القمر عام 1969، وقد شهد تطوراً كبيراً وشاملاً مما يجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ بمستقبل هذا القطاع، كما دخلت حالياً دول جديدة و شركات خاصة الاستثمار في قطاع الفضاء، و تتجه البشرية حالياً للوصول إلى المريخ برحلات مؤهولة و تحلم بسبر أغوار كوكب المريخ خلال العقد القادم.
نحن نعلم في الوقت الحالي أن هناك أربع مهمات تتنافس فيما بينها بشأن الاكتشافات التي ستحققها و تأثير تلك الاكتشافات على البشرية. بدءاً من مشروع استكشاف المريخ التابع لدولة الإمارات العربية إلى محاولة جديدة للهبوط على أحد الكويكبات، و هنا يمكنك أن تتعرف على المهمات الفضائية الأربع الرئيسية التي ستشهدها السنوات الأربع القادمة:
جونو تستكشف المشتري
رحلة الأمل تتجه صوب المريخ و العالم العربي
مهمة مشتركة بين أوروبا و روسيا لاكتشاف المريخ
رحلة أوسايرس-ركس إلى كويكب بينو
وصلت مسبار جونو الفضائي التابعة لوكالة ناسا إلى مدار كوكب المشتري قبل شهر مضى ليجمع بيانات عن أضخم كواكب المجموعة الشمسية، و صمم كي يتحمل مستويات إالشعاع الهائلة التي تتسبب في إحداثها المجالات المغناطيسية للمشتري.
و تستغرق مهمة جونو 20 شهراً سيعمل خلالها على جمع البيانات حول التركيب الكيميائي للمشتري و غلافه الجوي و الشفق و كذلك غلافه المغناطيسي. و الهدف من المهمة ليس فقط سبر أغوار ما يقع أسفل غيوم كوكب المشتري بل أيضاً فهم الأسباب التي أدت إلى تشكيل مجموعتنا الشمسية على النحو الذي هي عليه الآن. و باعتبار المشتري الكوكب الأكبر في مجموعتنا الشمسية، فهو بالتالي يضم أكبر عدد من الأدلة الدالة على نشأتها، فالمشتري هو أول كواكب المجموعة الشمسية و كان له تأثير كبير على نشأة كوكب الأرض و لا يزال تأثيره قائماً. و تسعى مهمة جونو لمعرفة ما إذا كان لكوكب المشتري نواة صلبة ومما يتكون. و تجدر الإشارة إلى أن فريق المهمة يطلق عليها اسم “البحث عن الآثار الكونية”، حيث إن المركبة الفضائية جونو تحفر من أجل العثور عن قطع تاريخية من شأنها المساعدة على تعقب أصول نشأة الحياة.
إن مشروع استكشاف المريخ هو أكبر مبادرة يرعاها برنامج الفضاء في الإمارات العربية المتحدة. و لم يسبق أن أطلقت أي دولة عربية مسباراً إلى مدار خارج كوكب الأرض من قبل، و بهذا يصبح مشروع استكشاف المريخ الذي تتبناه دولة الإمارات العربية سبقاً تاريخياً و إقليمياً مهماً. ويهدف المشروع إلى لمّ شمل العالم العربي و التأكيد على أن العرب بوسعهم المشاركة في عالم الإبتكارات و التقنيات الحديثة. و المسبار المزمع إرساله إلى المريخ في 2020 و يحمل اسم “الأمل”، قد بدأ بالفعل في إلهام الشباب العربي و تشجيعهم على التفكير في دراسة علوم الفضاء. يُذكر أن المسبار يُصنّع بأيدي إماراتية في مركز محمد بن راشد للفضاء بدبي.
و عندما يدخل مسبار الأمل مدار الكوكب الأحمر سيدرس الغلاف الجوي للمريخ في محاولة لاكتشاف السبب وراء تغير أرض الكوكب التي كانت فيما سبق تشبه أرض كوكبنا لكنها أصب كوكب قاحل قاحل ليس فيه أي دليل على الحياة.
مهمة إكسومارس، المقرر إطلاقها أيضاً في 2020، هي مهمة مشتركة بين وكالة الفضاء الأوروبية و وكالة الفضاء الروسية. و سيجري إرسال مركبة إكسومارس إلى الفضاء مع منصة سطحية، و ستبدأ في جمع عينات من السطح باستخدام حفار، لتُجري المركبة بعد ذلك تحليلاً متعمقاً على العينات التي تجمعها باستخدام أحدث الأجهزة العلمية التي تتيح لها إجراء استقصاءات تحدد من خلالها التركيبة المعدنية و الكيميائية للعينات. يُذكر أن أحد الأهداف الرئيسية لهذه المهمة هو الهبوط بمركبة إكسومارس في منطقة تزيد بها احتمالات العثور على مادة عضوية محفوظة يعود تاريخها إلى الفترة الأولى من نشأة كوكب المريخ.
ستصبح أوسايرس-ركس أول مركبة فضائية تابعة لوكالة ناسا تسافر إلى كويكب قريب من الأرض. و قد زوّدت وكالة ناسا أوسايرس-ركس المقرر إطلاقها في شهر سبتمبر من العام الجاري بمقياس طيف الأشعة تحت الحمراء و الذي من شأنه قياس البصمات الطيفية للمكونات المعدنية و الجزيئية للكويكب.
من المتوقع أن يتم العثور على سطح الكويكب الذي يحمل اسم “بينو” على عدد من الجزيئات العضوية، و تتلخص مهمة أوسايرس-ركس – بعد رحلة تستغرق عامين – في جمع 60 غراماً من المادة الموجودة على سطح الكويكب لتعود بها الأرض ليجري تحليلها في المختبرات. و تساهم دراسة الكويكبات مساهمةً كبيرة في الجهود الحثيثة التي تسعى لكشف أسرار تطور المجموعة الشمسية و الكواكب، فقد تلوثت كمية الصخور الهائلة المتاحة في كوكب الأرض عبر ملايين السنين، مما أدى إلى محو الأدلة الدالة على نشأة كوكبنا أو تغيرها، إلا أن الصخور الموجودة على الكويكبات لا تزال في حالتها الأصلية، مما يعني أنه بمقدور رواد الفضاء دراسة الحالة التي كانت عليها مجموعتنا الشمسية عند بداية نشأتها من خلال جمع مجموعة منتقاة من هذه الصخور.
و أخيراً يمكننا أن نتوقع الإعلان عن المزيد من المهمات الجريئة و الطموحة في الأعوام القليلة القادمة، ربما مصعد إلى الفضاء أو نظام جديد لتنظيف مدار الأرض من المخلفات الفضائية، و غيرها من المشروعات المذهلة التي تهدف جميعها إلى تمكيننا من فهم أنفسنا و الأشياء التي تحيط بنا، فاستعد!