النازيون الجدد في ألمانيا
حصدت سلسلة جرائم القتل التي ارتكبتها الخلية السرية المعروفة باسم “إن إس أو ” في ألمانيا خلال الفترة من عام 1998 حتّى عام 2011 أرواح عشرة أشخاص، حيث نشرت هذه الخلية الإرهابية اليمينية المتطرّفة الإرهاب في البلاد سواء في صورة هجمات بالقنابل أو سطو على البنوك.
في الرابع من نوفمبر سنة 2011 لقي كلّ من “أُوڤي موندلوس” و “أُوڤي بونهاردت” حتفهما حرقاً داخل أحد “الكاراڤانات” – أي المنازل المتنقلة – في مدينة “أيزيناخ” بولاية “تورينغن”. وكانت تلك هي نهاية مسيرة إرهابية واعدة لهذين الشَّابَّيـن، اللذين كانت أسماؤهما أيضاً معروفة لدى “مصلحة حماية الدستور” منذ 16 عاماً. وعلى الرغم من وضعهما تحت المراقبة والتنصت على مكالمتهما الهاتفية وتتبعهما في بعض الأحيان، ومن أنّ المخبرين كانوا يأتون بأخبارهما بين الفينة والأخرى، إلّا أنّ الاثنين تمكنَّا من الاختفاء بدعم ومساندة شبكة من الأصدقاء.
يقال إنّ “أُوڤي موندلوس” و “أُوڤي بونهاردت” كانا إرهابيين، وأنّهما أطلقا النار على أشخاص، وزرعوا القنابل، لكنهما لم يعترفا أبداً بالجرائم التي ارتكباها. فقط بعد موتهما ظهر فيلم تتفاخر فيه مجموعة تُسَمَّى ” إن إس أو ” بارتكاب عشر جرائم قتل، قيل إنّ “موندلوس” و “بونهاردت” هما من قاما بتنفيذها. بدا الأمر في البداية وكأنّ موتهما قد حلّ لغز إحدى أكثر القضايا الجنائية غموضاً في تاريخ ألمانيا. لكن كلّما طال التحقيق، أصبحت القضية أكثر غرابة.
على الرغم من أن الفروع المختلفة “لمصلحة حماية الدستور” كان لديها العديد من العملاء السريين في المحيط شديد القرب من الشابَّيـن الإرهابيين المختبئـيـن، والمنتميين لجماعة من النازيين الجدد، إلّا أنّها لم تتمكَّن من منع جرائم القتل. كذلك لم تكن أجهزة المخابرات المحلية وحدها هي التي تلاحقهما. فاللجنة الخاصة، التي كانت مسؤولة عن التحقيق في سلسلة من جرائم قتل بعض أصحاب الأعمال الصغيرة من أصول مهاجرة لسنوات، كانت هي الأخرى قد اقتربت بشكل كبير من “موندلوس” و “بونهاردت”. لكن الضربة الحاسمة لم تنجح.
هذا الفيلم الوثائقي يعيد تركيب تلك الأحداث غير المسبوقة ويطرح في نفس الوقت الأسئلة التالية: ما الدوافع التي حرَّكت “أُوڤي موندلوس” و “أُوڤي بونهاردت” وأصدقاءهم؟ من دعم الشابَّيْـن؟ من ساعدهما في ارتكاب جرائمهما وفي حياتهما أثناء فترة الاختباء؟ تحقيقات الشرطة ومراقبة المشهد اليميني المتطرّف – وبالتالي المحيط الذي كان يتحرّك بداخله الجناة – هي الخيط المشترك الذي يتم سرد القصة من خلاله. إنها قصة عن نشأة وتطور المشهد اليميني المتطرّف المسلَّح بعد إعادة توحيد شطري ألمانيا والمحاولات العاجزة والمحفوفة بالمخاطر لسلطات الدولة من أجل السيطرة عليه.
يقدم الفيلم الوثائقي الذي أعدَّه “شتيفان أوست” و “ديرك لابس” نظرة شاملة ودقيقة عن خلفية إرهاب “شبكة النازيين الجدد الإرهابية (إن إس أو)”